قانون التحدي
كانت سنة 1948 تاريخا حاسما بالنسبه للوجدان العربي عامه , وبالنسبه للوجدان الفلسطيني علي وجه الخصوص , ففي هدا العام اقيمت اسرائيل, وانهزمت الجيوش العربية هزيمه سريعه , ونجحت المؤامرة الصهيونية العالمية في اقامة الدوله الاسرائيلية علي اشلاء الشعب العربي الفلسطيني , وبدأت مرحلة واسعه من مراحل النفي والتشريد والابادة بالنسبه لعرب فلسطين , فخرجوا من ديارهم ليعيش بعضهم لاجئين في خيام ,وخرج بعضهم الي البلاد العربية المجاورة يلتمس مأوي وعملا وظلا قليلا يخفي فيه حزنه ولوعته ومأساته ... وسالت دماء الالاف منهم علي التراب الفلسطيني وبقي البعض من ابناء فلسطين في غزه او في مدن الضفه الغربية ينظر امامه ليجد العدو يحتل وطنه .
وليجد ان مجموعه من الاسلاك الشائكة تفصل بين الفلسطيني وبين اخيه الخاضع لاحتلال اسرائيل , وليجد ان الرأيه الاسرائيلية ذات النجمه السداسية ترفرف علي المدن والقري التي كانت في يوم غير بعيد مدن عربيه اصيله , واصبحت مدينة القدس مدينه يحتلها اليهود واصبح العربي يطل علي الجزء المسروق من مدينته وفي قلبه لوعه لا توصف . فلقد اصبح الفلسطينيون مشردين يبحثون عن مأوي او لاجئين في خيام يعشون علي المعونات والصدقات او افراد متفرقين يعيشون علي هامش مجتمعات عربيه او اجنبيه اخري . ولم يكن هناك مصدر لضؤ او منبع من منابع الامل , لدلك انطلق الحجر الفلسطيني بيد ابنائه يحاربون به اليهود وجها لوجه وكانت هده الثورة احتجاجا ناجحا علي الاوضاع الفاسدة في الوطن المحتل وفي الوطن العربي والدي كان سبب رئيسي من اسباب الماساة الفلسطينية . وهده الروح الثائره المتمردة المليئة بالامل والتفاؤل لم تخمد ابدا منذ ان استيقظت حتي اليوم ,رغم انها تعرضت لازمات وصدمات متعدده فالحجر الفلسطيني هو ابن هده المرحلة الجديدة في الشعب الفلسطيني , دلك لانه يري بقلبه الكبير حقيقة المأساة , ويري ان الظلم الدي وقع علي العربي الفلسطيني لا بد ان يزول وان منطق التاريخ يؤكد ذلك , وانه مهما كانت الظروف القاسيه التي يمر بها الانسان العربي في فلسطين المحتله فان عودة الارض الي اصحابها حلم ليس ببعيد , بل هو حلم سوف يجسده الواقع في صوره ماديه حقيقيه في يوم من الايام . فقد بدأنا نحس ان نفس الشراره التي اشتعلت في جبال الاوراس بالجزائر وانتهت بالنصر قد عادت لتشتعل في فلسطين وتبدأ مرحله صعبه ولكنها مليئه بالامل . ولا شك ان اقوي سبب وراء ذلك التفاؤل العظيم هو القانون الدي سماه المؤرخ والفيلسوف الانجليزي ( تونبي ) باسم قانون (التحدي والاستجابه ) وخلاصة هدا التحدي هو الانتقال من الياس الي الامل , فعندما يتعرض الانسان لازمه عنيفه تهدد وجوده كله تكون هده الازمه هي التحدي الذي يحتاج الي استجابه معينه , وعندما يكون الانسان قادر علي البقاء , يكون قادر علي مواجهة التحدي وعلي ان يحاول بافضل ما لديه من قوي وعناصر ليتمكن من الوقوف علي قدميه رغم الظروف السيئة العاصفة التي تحيط به . عندما يستطيع الانسان ان يفعل ذلك فانه يواجه التحدي وينتصر عليه وهدا التحدي يعبر عن نظره انسانيه نبيله وشامله نظره تدعو الي العدل ولا تدعو الي الانتقام والثأر والحقد , نظره تدعو الي اعادة الحقوق الضائعة دون تفريط فيها ودون ان تنزلق الي مهاوي العنصرية التي اندفعت اليها النازية ذات يوم , فاسرائيل تفرض حركة اباده واسعه علي العرب في الاراضي المحتله وكذلك تحاول ان تتوسع في الارض العربية وعلي حساب الشعب الفلسطيني بكل الاساليب الملتوية , وكذلك تقوم علي اعلاء العنصر اليهودي فوق جميع العناصر البشرية , وتعتدي علي مقدسات الاديان السماوية في الارض المحتله . امام هدا كله ينطلق الحجر الفلسطيني وهو ليس حجر عقيما لا ينبت ولا ينجب بل هو حجر اخضر مثمر , تنبت فيه اشجار الزيتون 0 (كتبت هدا المقال عام 1989 في جريدة الوطن الكويتية )
( النورس )
تعليقات
هي ان المسافة بين الوطن والمنفى
أقرب من مرمى حجر
ولكن بينهما دائما
ذلك السور
او السلك